الطبيعة تمثل حياة الإنسان فى هذا الكون فالإنسان ذاته جزء من هذه الطبيعة لذا فإنه لا يستطيع الإنفصال عنها كما أنها تحمل مشاهد جميلة جذابة تبعث فى نفس الإنسان التفاؤل والإشراق وحب الحياة وتشجعه على السعى وراء تحقيق الذات وممارسة أعماله دون ملل أو ضيق فدائما عندما ينظر الإنسان إلى الطبيعة ويجدها فى حركة مستمرة دون توقف ولو للحظة ويجد أن كل جزء من الطبيعة له عمله الذى يقوم على النظام والدقة الحازمة التى لا يجوز فيها الخطأ و يعلم أنه هو أيضا لا يستطيع أن يتوقف عن العمل والبحث عن الجديد دائما فكلما يزداد الإنسان فى العمر كلما يتعرض لمواقف كثيرة فى حياته يتعرف بها على أشياء جديدة لم يكن يعلم عنها شيئا من قبل ويعلم أنه طالما يحيا على وجه الأرض فإنه سوف يعلم الجديد والجديد وأنه من المستحيل أن يصل إلى نقطة النهاية فى المعرفة الكونية وكلما يعلم الإنسان كثيرا كلما يزداد إيمانه بالله عز وجل لأنه يتعرف على عظمة الخالق وكيفية تنظيمه الدقيق لذلك الكون .
ربما هذا الموضوع يتصل بعضا ما بالإنسان الذى يكون رومانسيا بعض الشىء فمثلا عندما ننظر إلى القمروهو بدرا والنجوم وهى تلمع ليلا فى السماء فربما نرى إنسان لا يجد فى ذلك المشهد أى نوع من البهجة أو حتى الاستمتاع فهو يرى الظلام يسيطر على معظم أجزاء السماء فلا يجد أى شىء من التفاؤل ويترك ذلك المشهد وينصرف إلى أعماله التى تشكل كل اهتماماته وربما نجد إنسانا آخر وهو ذلك الإنسان الذى أتكلم عنه الذى يتسم ببعض الإحساس المرهف الذى يجعله عندما يشاهد شكلا مثل شكل القمر وهو بدرا والنجوم وهى تلمع رغم أن الظلام يكون مستحوذا على مساحة كبيرة من السماء إلا أنه ينظر إلى القمر الذى يضىء له السماء ويجعلها فى أحسن صورة ثم يدمج معها النجوم اللامعة التى تزينها فيشعر بشيئا من الراحة الذهنية وينسى أشغاله وهمومه ويهتم بالاستمتاع بهذه اللحظة الرائعة التى لا تتكرر كثيرا فهذا النور الذى يشع من أعماق ظلام السماء يكون صورة من صور التفاؤل التى تشجعه على تخطى الصعاب فمن الممكن فى هذا الهدوء والنور اللامع فى السماء أن يجعل أعصابه فى حالة من الاسترخاء التام ويسبح فى بحر أفكاره ويتذكر بعض أموره الصعبة التى تزعجه ويعجزعن حلها ويجد فى ذلك الوقت بعضا من الأفكار التى من الممكن أن تساعده فى حلها فيفرح فرحا شديدا بعد أن استراح ذهنيا ونفسيا واستفاد بأهم نصيحة وهى أنه لكل مشكلة حلها ولكن يجب التعامل مع المشكلة بعقلية متفتحة مستندا إلى مساعدة الطبيعة الجميلة التى تهيىء له المناخ الذى يساعده على التفكير السليم ثم يستسلم إلى النوم ليستطيع أن يستكمل عمله فى اليوم التالى .
المثال السابق بالطبع يوضح جزء كبير من أهداف الموضوع وهى أن الإنسان هو الذى يحدد نظرته للطبيعة فإما أن يكون هو بطبعه متشائما فينظر إلى نصف الكوب الفارغ وإما أن يكون متفتحا للحياة وينظر إلى النصف المملوء وإنما ليس معنى ذلك أن هذا هو المثال الوحيد ولكن هناك أيضا مشاهد عديدة فى الطبيعة تبهج الإنسان وتفرحه وتشرح صدره فمثلا تعالى معى وسافر بخيالك إلى البحر وانظر وتأمل كيف تصطدم الأمواج ببعضها البعض فتكون شكلا رائعا ممزوجا تلمع العين حينما تشاهده وربما فى بعض الأوقات تسبح فى أعماق أفكارك وأنت تنظر إلى أمواج البحر وتمر عليك ساعات وساعات دون أن تشعرولكن هل تعلم لماذا لا تشعر بالساعات التى تقضيها فى التفكير أمام هذا البحر؟ هذه الساعات تمر عليك دون أن تشعر لأنك فى تلك اللحظة تكون وكأنك انفصلت عن الحياة التقليدية وذهبت إلى عالم خيالك العالم الذى تحبه وتسبح فيه لذا عندما تعود إلى حياتك مرة أخرى تجد أن وقتا طويلا قد مر دون أن تشعر به ولكنه كان أفضل وقت قضيته فى حياتك لأنك فى هذا الوقت تفكر بهدوء شديد ويكون العقل مسترخيا إلى أقصى الحدود وتتمنى لو بقيت فى عالم خيالك إلى الأبد.
فيجب أن نعلم جميعا أهمية الطبيعة ونقدرها ونحافظ عليها فهى فى بعض الأوقات تكون سببا فى حل مشاكلنا وربما تكون هذه إحدى الطرق التى نشجع بها الإنسان لمحاربة التلوث ونوقفه عن الأضرار التى يجب أن نحمد الله فقد أنعم علينا بطبيعة خلابة رائعة الجمال والإنسان هو الذى يخربها ويدمرها فيجب أن يفيق الإنسان من الوهم الذى يسيطر عليه ألا وهو السعى الأعمى وراء العلم متخيلا أن هذا هو أسرع طريق للتقدم ولكن هل سأل الإنسان نفسه لمرة واحدة من الذى سيستخدم هذا التقدم بعد أن يدمر البيئة والطبيعة فينهار كوكبنا و تنتهى حياتنا عليه .
أريد من الإنسان الذى يهتم بالعلم على حساب بيئته التى تأويه منذ أن ولد أن يسأل نفسه هذا السؤال ثم يفكر فى الإجابة فسيجد بالطبع أنه المخطىء لأن الإجابة معروفة ومع ذلك فإنه يتجاهلها ولا يهتم بها.
فى الختام أدعو الله أن يهدينا إلى الطريق السليم ولا يجعلنا نقع فى الخطأ الذى سيكلفنا الكثير وأن نتذكر دائماً الله تعالى فى جميع ما نفعل وأضمن لنا جميعا ألا نخطئ طالما كنا على طريق الطاعة الإلاهية .